من أجمل ما قاله أمير الشعراء
"أحمد شوقي" في الشَّوقيَّات :
لَمْ أَنْسَ قـَـطُّ لَيـْـلَةً مِنْ رَمَضَانَ مَرَّتِ
إِذِ انْفَلَتُّ مِنْ سُـحُورِي فَدَخَلْتُ حُجْرَتي
فَلَمْ يَرُعْني غَيـْـرُ صَـوْتٍ كَمُوَاءِ الهِرَّةِ
فَقُمْتُ أُلْقِي السَّمْعَ في السُّـتُورِ وَالأَسِرَّةِ
حَتىَّ ظَفِرْتُ بِالَّتي عـَـلَيَّ قـَـدْ تجَرّتِ
فَمُذْ بـَـدَتْ لي وَالْتَقَتْ نَظْرَتُهَا بِنَظْرَتي
عَادَ بَرِيقُ لحْظـِـهَا مِثْلَ بَصِيصِ الجَمْرَةِ
ثُمَّ ارْتَقَتْ عَنِ المـُــوَاءِ فَعَوَتْ وَهَرَّتِ
وَرَدَّدَتْ فَحِيــحَهَا كَحَيـَّــةٍ بِقَفْرَةِ
بَلْ وَاكْتَسَتْ لي مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ جِلْدَ النِّمْرَةِ
كَرَّتْ وَلَـكِنْ كَالجَبـَـانِ قَاعِدًا وَفَرَّتِ
وَانْتَفَضَتْ شَـوَارِبًا عَنْ مِثْلِ بَيْتِ الإِبْرَةِ
لَمْ أَجْزِهَا بِسَـوْءَ ةٍ لأَجـْـلِ تِلْكَ الثَّوْرَةِ
وَلا غَبِيتُ ضَعـْـفَهَا وَلا نَسِيتُ قُدْرَتي
وَلا رَأَيْتُ غَيـْــرَ أُمٍّ بِالصـِّـغَارِ بَرَّةِ
فَيَا لَجِدِّ الأُمَّهَاتِ في بِنـَــاءِ الأُسْرَةِ
وَلَمْ أَزَلْ حَتىَّ اطـْـمَأَنَّ جَأْشُهَا وَقَرَّتِ
فَجِئْتُهَا بِشـَـرْبَةٍ مِنْ لَبـَـنٍ وَكِسْرَةِ
وَلَوْ وَجَدْتُ مِصْيـَـدًا لَجِئْتـُهَا بِفَأْرَةِ
فَاضْطَجَعَتْ تحْتَ ظِلالِ الأَمْنِ وَاسْتَقَرَّتِ
وَقـَـرَأَتْ أَوْرَادَهَا وَمَا دَرَتْ مَا قَرَتِ
وَعَسْعَسَ الصـِّــغَارُ في ثُدِيِّهَا فَدَرَّتِ
فَاخْتَلَطُواْ وَعَيَّثُواْ كَالْعُمْيِ حَوْلَ السُّفْرَةِ
تحْسَبُهُمْ ضَفَادِعًا قَـدْ خَرَجَتْ مِنْ جَرَّةِ
فَقُلْتُ لا بَأْسَ عَلَى طِفـْـلِكِ يَا جُوَيْرَتي
تمَخَّضِي عَن خَمْسَةٍ إِنْ شِئْتِ أَوْ عَن عَشْرَةِ
أَنْتِ وَأَوْلادُكِ حَتىَّ يَكْبـَـرُواْ في جِيرَتي